قطعة الحضارة الاسلامية


1- لم تبلغ الحضارة الإسلامية ما بلغته من تطور ورقي بالجيوش، بل بالعلم والمعرفة، ومن هنا جاءت عناية المسلمين بالمكتبات وقد تنوعت المكتبات فمنها خاصة لدى الخلفاء والوزراء والعلماء، وعامة مفتوحة لكل الناس، ولم يكن المسلمون يكتفون بما بين أيديهم من مصادر معرفية، بل سعوا إلى الحصول على الكتب المفيدة بأي لغة كانت.

2- ومن ذلك أن الخليفة المأمون كان يرسل مبعوثيه إلى بلدان متعددة للبحث عن المخطوطات، فأرسل وفدًا خاصًا للإمبراطور البيزنطي ليون الخامس، يطلب منه بعض المخطوطات اليونانية، فعاد الوفد بكتب كثيرة في مختلف العلوم، فطلب المأمون ترجمتها إلى العربية، وتقول بعض المصادر التاريخية: إن المكتبة التي أسسها هذا الخليفة ضمت مليون مخطوطة، وهي التي سميت "بيت الحكمة" والتي واصل الخلفاء بعد المأمون دعمها، ولم تكن مكتبة فقط، بل كانت مؤسسة أكاديمية تعليمية، وكان مصير كتبها نفس مصير مكتبات أخرى كثيرة، إذ أحرقها المغول أو ألقوها في مياه النهر عند اجتياحهم بغداد في القرن السابع الهجري.

3- وإلى جانب "بيت الحكمة" كانت هناك مكتبات أخرى في بغداد، من أهمها المكتبة التي أسسها الوزير صبر بن أرداشير في القرن الرابع الهجري، فقد تمتعت هذه المكتبة بشهرة خاصة لفترة طويلة، مما جعل الكاتب ياقوت الحموي يقول عنها بعد ثلاثة قرون: " لا يوجد في كل العالم كتب أثمن مما في هذه المكتبة " وقد كانت المدارس غنية بالكتب، وخاصة المدرسة التي أقامها الخليفة المستنصر في بناء رائع، هذا بالإضافة إلى المكتبات الخاصة التي كان يحوي بعضها كثيرًا من الكتب القيمة، من بينها مكتبة المؤرخ الواحدي التي بلغ عدد صناديقها 600 صندوق (رف).

4- ولم تكن بغداد تحتكر المكتبات في العالم الإسلامي بل وجدت في المدن الأخرى مثل مكة والمدينة والبصرة وحلب ودمشق والقاهرة وغيرها؛ ففي القاهرة نجد الخليفة الفاطمي العزيز بالله، يؤسس مكتبته الشهيرة التي ضمت مئات الآلاف من المخطوطات الموزعة على أربعين قسمًا حسب العلوم، وكانت تضم مئات النسخ من القرآن الكريم مجلدة تجليدًا نفيسًا، وقد انتقل قسم من هذه المكتبة إلى "دار الحكمة" التي أسسها في القاهرة الخليفة الحاكم بأمر الله في القرن الخامس الهجري على غرار "بيت الحكمة" في بغداد.

5- وكانت هناك مكتبة الأسرة الأموية في قرطبة بالأندلس التي أسسها الخليفة الحكم الثاني في القرن الرابع الهجري، ونظرًا لرغبته في أن يجمع الكتب القيمة لمكتبته بأسرع وقت؛ أرسل المبعوثين إلى كل الأمصار التي تهتم بالكتب؛ لشراء الكتب مهما كان ثمنها، فجمع ما يقرب من 400 ألف مجلد، وكان يعمل في هذه المكتبة جيش من الخطاطين والمزخرفين والمجلدين، وكانت للمكتبة فهارس لمحتوياتها بلغت 44 مجلدًا، ولم تعمر هذه المكتبة طويلاً؛ فقد نهبها البرابرة بعد أقل من ربع قرن، وانتهت من الوجود عندما سقطت الأسرة الأموية في الأندلس، وكانت في قرطبة وفي غيرها من مدن الأندلس الرئيسة مكتبات أخرى؛ لكن قرطبة كانت المركز الرئيسي للكتب في البلاد، وكان الإفرنج يفدون إليها وإلى مدن أندلسية أخرى كإشبيلية وغرناطة لتلقي العلم.

6- ونختم بقصة طريفة نجد ما يشبهها في زماننا هذا، فقد قال أحد العلماء: "سمعت أن كتابًا كنت مهتمًا بشرائه وصل إلى سوق الكتب بقرطبة فتوجهت للسوق، وعندما عرض للبيع أخذت أزيد في ثمنه وشخص آخر يبدو عليه الثراء يزيد على زيادتي حتى تجاوز ثمن الكتاب قدرتي فقلت له: ليس معي من المال ما يساوي ثمن الكتاب فهل تأذن لي بقراءته بعدك. فقال: لست بعالم ولا أدري بما في الكتاب، ولكني ابتنيت بيتًا جديدًا ووضعت فيه خزانة للكتب، وبقي فيها موضع بحجم هذا الكتاب، فلما رأيت حسن خطه وتجليده أردت شراءه بأي ثمن لأجمل به مكتبتي فقلت لنفسي: يحصل على البندق من لا نواجذ له".
الأسئلة:

س1: قول ياقوت الحموي الوارد في الفقرة (3) يدل على:
أ- أن المكتبة كانت قد نهبت وهو يأسف لذلك.
ب- أن المكتبة عاشت لمدة ثلاثة قرون فقط.
ج- أن ثمن الكتب كان عاليًا.
د- أنها كانت كنزًا معرفيًّا.

س2: وفقًا للفقرة (5) فإن مكتبة الأسرة الأموية في الأندلس قد نهبت بعد تأسيسها بمدة تبلغ:
أ- 15 سنة.
ب- 20 سنة.
ج- أقل من 25 سنة.
د- أكثر من 25 سنة.

س3: مقولة "يحصل على البندق من لا نواجذ له" في الفقرة (6) كناية عن:
أ- حدة التفاوت المادي بين الأغنياء والفقراء.
ب- الحصول على الشيء بلاء عناء.
ج- العجز عن الاستفادة من الشيء. د- خطر الثراء مع الجهل على العلم.

س4: عدد المكتبات التي أشار إليها النص:
أ- ثلاث مكتبات.
ب- أربع مكتبات.
ج- خمس مكتبات.
د- ست مكتبات.

س5: أي العبارات الآتية غير دقيق وفقًا للنص:
أ- جلب المسلمون الكتب من أقطار مختلفة.
ب- لم تكن المكتبات مقتصرة على العواصم فقط.
ج- أمر المأمون بترجمة الكتب الأجنبية إلى العربية.
د- كانت الدولة توجه بتأسيس المكتبات.

س6: المكتبة التي أسسها الحكم الثاني تشبه المكتبة التي أسسها المأمون من ناحية التعرض:
أ- للإهمال.
ب- للحرق.
ج- للسرقة.
د- للاعتداء.

س7: مؤسس "دار الحكمة" هو الخليفة:
أ- العزيز بالله.
ب- الحاكم بأمر الله.
ج- المأمون.
د- الحكم الثاني.

س8: أنسب عنوان لهذا النص هو:
أ- المكتبات العامة في الحضارة الإسلامية.
ب- الكتب والمكتبات في الحضارة الإسلامية.
ج- اهتمام المسلمين بتأليف الكتب.
د- أنواع المكتبات الإسلامية.

تعليقات